الرد على الشبهات حول زواج النبي ﷺ من السيدة صفية رضي الله عنها ؟؟
"بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ"
أولا:
بدأ الأمر بهجرة الرسول عليه السلام من مكة الى المدينة، وكان يوجد في المدينة يهود أقام النبي ﷺ معهم معاهدات سلام فكانت حماية المدينة واجبًا على كل سكان المدينة من المسلمين او اليهود أو أي طائفة تسكنها
[1] السيرة النبوية لابن كثير ٢/٣٢٣
السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة(2/ 162)
أعلن يهود النضير وقريظة الحرب
يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (إن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير، وأقر قريظة ومن عليهم) (1) لكن ما هي:
■قصة إجلاء بني النضير:
وكيف خانوا وحاربوا، وكيف تصرف رسول - صلى الله عليه وسلم - معهم ومع خيانة بني قريظة عندما نقضوا تلك الصحيفة التي أجمع عليها يهود المدينة كلهم...؟ يحدثنا أحد أصحاب النبي فيقول رضي الله عنه:
إن كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أُبي بن سلول ومن كان يعبد الأوثان من الأوس والخزرج -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ بالمدينة- قبل وقعة "بدر" يقولون:
إنكم آويتم صاحبنا، وإنكم أكثر أهل المدينة عددًا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه، أو لتخرجنه، أو لنستعند عليكم العرب، ثم لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك ابن أبي ومن معه من عبدة الأوثان تراسلوا فاجتمعوا، وأرسلوا وأجمعوا لقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلقيهم في جماعة فقال:
حديث صحيح. رواه البخاري ومسلمٌ والبيهقيُّ(3/ 183).
لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، فأنتم هؤلاء تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، وكانت وقعة "بدر" فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبن خدم نساءكم شىء -هو الخلاخل- فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر، فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:
أخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبرًا حتى نلتقي في مكان كذا، نصف بيننا وبينكم فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حبرًا من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلًا من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله، فأرسلوا إليه:
كيف تفهم ونفهم ونحن ستون رجلًا؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة نفر من أصحابه. واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها -وهو رجل مسلم من الأنصار- فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل أخوها سريعًا، حتى أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فسارَّه بخبرهم قبل أن يصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان من الغد غدا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكتائب، فحاصرهم وقال لهم:
إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا أن يعطوه عهدًا، فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة -والحلقة: السلاح- فجاءت بنو النضير، واحتملوا ما أقلت إبل من أمتعهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم، فيهدمونها فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام، وكان بنو النضير من سبط من أسباط بني إسرائيل لم يصبهم جلاء منذ كتب الله على بني إسرائيل الجلاء، فلذلك أجلاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو قريظة، فأنزل الله:
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ الله مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ
[2] سيرة ابن هشام ت السقا ١/٥٦٣
وهكذا خان اليهود عهد السلام الذي بينهم وبين النبي ﷺ، وأرادوا قتله، فأمهلهم النبي ﷺ مهلة مقدارها عشرة أيام يتركوا فيها ديارهم ويرحلوا عن المدنية وإلا قاتلهم لأنهم خانوا العهد، فكان ذلك هو سبب غزوة بني النضير فترك بني النضير ديارهم ورحلوا الى ديار بني خيبر
[3] حاشية السيوطي على سنن النسائي ٦/١٣٣
وفي هذا النص ردٌ صريح على من زعم أن النبي ﷺ حاربهم وأخرجهم للاستيلاء على ممتلكاتهم لا لأنهم نقضوا العهد إذ لو كان هدفه ما قالوا لما ترك لهم إبلهم والحمْلَ الذي عليها!
بل ما قالوه يتعارض مع ما ورد في الأخبار الصحيحة في تعامل النبيِّ ﷺ مع اليهود!
مثلاً قصة جابر بن عبدالله رضي الله عنه مع اليهودي، وقصة طعمة بن أبيرق ، وغيرها مما لا يَسعُ المقام ذكره وبسطه .
ثانيا:
وحصل ما حصل مع ناقضي العهود(اليهود) وتم إجلاؤهم إلى خيبر، ولا زالوا يريدون القضاء على النبيِّ ﷺ فاجتمع الأحزاب بعد أن ألّبهم حيي بن أخطب (والد السيدة صفية) وكنانة بن أبي الحقيق (زوج السيدة صفية) وهوذة بن قيس متجهين للمدينة بعشرة آلاف محارب من شتى القبائل بقيادة أبي سفيان ، فشاور النبيُّ ﷺ أصحابه فأشار سلمان الفارسي بحفر خندق فبادر النبيُّ ﷺ وصحابته إلى ذلك وبينما هم خارج المدينة والعدو أمامَهم دخل حيي بن أخطب ليهود بني قريظة واستنقضهم العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله ﷺ فنقضوه ! فعلِمَ الرسولُ ﷺ والصحابة بذلك، واشتدَّ خوفهم على نسائهم وذراريهم، أمامهم العدو وخلفهم الخونة لا يستطيعون الحراك، ولن تجد أبلغ من وصف الله لحالهم: {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفلَ منكم وإذ زاغت الأبصارُ وبلغت القلوبُ الحناجر}
[5] المرجع السابق – بتصرف
فأتى نصر الله لهم فشتّتَ شملَ الأحزاب، فعاد النبيُّ ﷺ إلى يهود بني قريظة – خائنيْ العهد – فحكّموا سعيداً، فأمر بقتل محاربيهم، فقُتلوا وقُتِلَ معهم حيي بن أخطب وذلك جزاءُ الخونة المرجفين.
وهذا القانون الذي يعرف اليوم في كل دول العالم اليوم بإسم الخيانة العظمى فالذي يخون بلده ويتآمر عليها يتم محاكمته وإعدامه خاصة لو كانت خيانة في حالة حرب
[6] انظر: البداية والنهاية لابن كثير
ثانيا:
قُتِلَ حيي بن أخطب لتأليبه العرب على النبيِّ ﷺ ولكن بقي كنانة ابن أبي الحقيق وغيره ممن استنهضوا العرب لمحاصرة المدينة ، فتوجه النبيَّ ﷺ بعد الحديبية إلى مكانهم – خيبر – للفتح ، فنزل بين خيبر وقبيلة غطَفان التي كانت من ضمن الذين حاصروا المدينة يومئذٍ ، وبعد سلسلة من فتح الحصون طلبوا من رسول الله ﷺ مصالحته ، فاشترط عليهم أن لايكتموه شيئاً فقبِلوا – فسأل كنانةَ بن أبي الحقيق عن مال رأس الفتنة ابن أخطب – فزعم أنه قد أُنفق ، فدلَّ عمُّ حيي النبيَّ ﷺ على ماله ، فاجتمع على ابن أبي الحقيق خيانة العهد المدني ، وتأليب الأحزاب ، ونقضه للشرط ، فأمر بقتله ، وكانت زوجته صفية بنت حيي بن أخطب .
[7] انظر: زاد المعاد لابن القيم.
ثالثا:
شبهة المبطلين حول زواج النبيِّ ﷺ من صفيّةَ رضي الله عنها قائمةٌ على ركنين:
1_ظلمها وعدم احترام مشاعرها ، وإرغامها على العيش معه سواءً كانت رقيقة أو زوجة.
2_دخوله بها قبل انتهاء العدة.
بطبيعة حال هذا كلام باطل
فمن أقوالها إنها ذكرت ما دار بينها وبين النبيِّ ﷺ بعد اجتماعهما، وأنها رضيت بحكمه على أبيها وزوجها بعد أن ذكّرها بجرمهما
[8] حديث ابن حبان في” صحيحه”
(١١/٦٠٧)، وحسنه الألباني.
والنبي ﷺ خيرها بين أمراً من اثنين: إما (العتق وأن تعود لقومها)، أو (أن يعتقها ويتزوجها)؛ (((فأختارت بإرادتها))) أن يعتقها وتتزوج من النبي ﷺ
■فقد ورد في مسند الإمام أحمد بسند: صحيح: "اصطفى الرسول ﷺ صفية بنت حيي لنفسه فخيرها أن يعتقها وتلحق بأهلها, أو أن تكون زوجته (((فاختارت أن تكون زوجته)))) "
[9] مسند أحمد ط الرسالة ١٩/٤٠١
■وأيضا " لما دخلت صفية على النبي قال لها (لم يزل أبوك من أشد يهود لي عداوة حتى قتله الله) فقالت: يا رسول الله إن الله يقول في كتابه) ولا تزر وازرة وزر أخرى). فقال لها رسول الله: اختاري، فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك، فقالت: يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إلى من العتق وأن أرجع إلى قومي، قال: فأمسكها رسول الله لنفسه"
[المصدر: الطبقات الكبرى لابن سعد]
فزواجها من النبي ﷺ كان بإرادتها واختيارها ...فأين الاعتراض؟ هل تصادرون على حريتها في الاختيار؟!
وللرد على من يقول كيف لم تبغض صفية رضي الله عنها النبي ﷺ لق-تله والدها وأهلها بل وتزوجت منه؟!!
تقول السيدة صفية بلسانها: "لم يكن أبغض إليَّ من رسول الله قتل أبي وزوجي، فما زال يعتذر إليَّ، فقال يا صفية: إن أباك حرض عليَّ العرب، وفعل وفعل ؛ -يعتذر اليها- فتقول : حتى ذهب ذاك من نفسي"( أي ذهب الكره والبغض من نفسها حين ذكرها النبي ﷺ بجرائم أهلها
[10] السلسلة الصحيحة للألباني الجزء أو الصفحة:6/695
وقد كان زوجها السابق يقسو عليها فحين حكت لزوجها رؤيا رأتها بالمنام أن قمراً سقط بحجرها لطمها لطمة تركت علامة بوجهها من شدة اللطمة وقال لها "أتريدين ملك يثرب!!" فلذلك كانت تبغض زوجها لأنه لم يكن يحسن معاملتها
[11] نفس المصدر السابق
هل تزوج النبي ﷺ السيدة صفية قبل إنقضاء عدتها؟؟
إن السيدة صفية رضي الله عنها كانت سبية، وعدة السبية هي حيضة واحدة، فطلب النبي ﷺ من أم سليم أن تجهز السيدة صفية رضي الله عنها وتبقى عندها حتى تنقضي عدتها (أي تحيض)
فجاء في الرواية الصحيحة :( ((فلما حلت بنى بها)))
[12] صحيح البخاري 4211
, أي لما حاضت وانتهت عدتها دخل بها النبي ﷺ ، يعني انتظر إنقضاء عدتها بالفعل وليس كما تدعون!
وقد وردت الكثير من الأحاديث عن حب السيدة صفية رضي الله عنها الشديد للنبي ﷺ، فحين مرض النبي ﷺ , قالت السيدة صفية "إني و الله يا نبي الله لو وددت أن الذي بك بي"
[13] الإصابة (ابن حجر العسقلاني) 4/347
يعني تمنت أن تمرض هي بدلًا من مرضه ﷺ
فهذا ليس كلام امرأة مغتصبة، متزوجة بغير إرادتها بل هذا ينم عن حب شديد
وبذلك يتضح أن الشبهة لا قيمة لها، مجرد حقد على النبي ﷺ
وهناك بعض النقاط الحيوية التي نود أن نشير إليها لتفنيد الإفتراءات والأكاذيب حول السيدة صفية رضى الله عنها وهي كالتالي:
- أشاد الرسول صلى الله عليه وسلم بعميق حب وصدق السيدة صفيه رضى الله عنها له وللإسلام وللمسلمين
- عاشت مخلصة لله ورسوله حتى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ترتد عن الإسلام وترجع لليهودية أو تهرب لليهود أو المشركين العرب من قبيلة قريش مثلا بل بالعكس عاشت وماتت زوجه مسلمة مخلصه لله ورسوله ولم تكن فقط مسلمه عادية وإنما أم المؤمنين رضى الله عنها وكانت عابدة صوامة قوامة فاللهم أرضى عنها
- السيدة صفيه رضى الله عنها عاشت أثناء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مخلصة لله ولزوجها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ولم تتأمر عليه في حياة أبدا مع أي أحد سواء من اليهود أو غيرهم فهي تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو النبي الذي بشر الله به عزوجل في التوراة حيث أنه سمعت حوارا بين أبيها حُيي بن أخطب وعمها أبو ياسر بن أخطب يتحاوران معه وأقروا أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي بشر الله فيه في التوراة وذلك بعد أن قدم النبي محمد للمدينة ولكن أبيها أصر على عداوة الرسول وعدم إتباعه
- ولم تكن تلك الواقعة هي الوحيدة التي عرفت فيها رأي كبار اليهود في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنها سمعت بما وقع بعد ذلك ويرويه البخاري في إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه، فقد كان حبراً من فطاحل علماء اليهود،
رؤيا البشارة
كان ذلك أول ما تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود، في أول يوم دخل فيه المدينة، ولا شك أن مثل تلك الواقعة قد فرضت نفسها على بيت سيد بني النضير، ووصلت أصداؤها إلى سمع بنته صفية، وأبوها يعترف بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النبي المكتوب عندهم في التوراة، وتسمعه صفية بأذنيها، ثم يسلم كبير أحبارهم عبدالله بن سلام ويعلن إسلامه على الملأ، ما شغل بال بنت السبعة عشر ربيعاً، وجعلها ترى رؤيا كأنها البشارة، وهي الرؤيا التي قصتها على أهلها في حينها، قالت: رأيت كأني، وهذا الذي يزعم أن الله أرسله، ومَلَكٌ يسترنا بجناحيه، فردوا عليها رؤياها، وقالوا لها في ذلك قولاً شديداً
وحين تقع الواقعة بين المسلمين واليهود، ويفتح الله على المسلمين حصون خيبر، ويقتل أبوها وزوجها، تخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأته في منامها، وكان صلى الله عليه وسلم حين صارت في رحله، قد رأى بوجهها أثر خضرة قريباً من عينها، فقال: ما هذا؟ قالت: يا رسول الله رأيتُ في المنام قمراً أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لزوجي كنانة، فقال: تحبين أن تكوني تحت هذا الملك الذي يأتي من المدينة، فضرب وجهي، وكانت ذكرت رؤياها لأمها فقالت لها كلاما مشابهاً لقول زوجها، إنّك لتمدّين عُنُقك إلى أن تكوني عند مَلِك العرب.
كبرت في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع منها رؤياها، وواسى آلامها وخفّف من مُصابَها، وخيّرها صلى الله عليه وسلم بين البقاء على دينها ودين آبائها وبين اعتناق الإسلام، فإن هي اختارت اليهودية أعتقها وردها إلى أهلها، وإن هي أسلمت سيمسكها لنفسه، فاختارت الإسلام، وقالت: يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقتُ بك قبل أن تدعوني حيث صرت إلى رحلك، وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي، واختارت صفية الإسلام، وأمسكها رسول الله لنفسه فأعتقها صلى الله عليه وسلم وتزوجها، وكان عتقُها صداقها
وبذلك يتبين لنا أن أعداء الإسلام لا يكلوا ولا يملوا من الكذب والافتراء على الإسلام والمسلمين حقدا من عند أنفسهم المريضة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[1]السيرة النبوية لابن كثير ٢/٣٢٣
[2] سيرة ابن هشام ت السقا ١/٥٦٣
[3] حاشية السيوطي على سنن النسائي ٦/١٣٣
[4] فقه السيرة النبوية / د. زيد الزيد -بتصرف-
[5] المرجع السابق – بتصرف –
[6] انظر: البداية والنهاية لابن كثير
[7] انظر: زاد المعاد لابن القيم.
[8] حديث ابن حبان في” صحيحه”
(١١/٦٠٧)، وحسنه الألباني
[9] مسند أحمد ط الرسالة ١٩/٤٠١
[10] السلسلة الصحيحة للألباني الجزء أو الصفحة:6/695
[11] نفس المصدر السابق
[12] صحيح البخاري 4211
[13] الإصابة (ابن ح
[13] الإصابة (ابن حجر العسقلاني) 4/347