هل قالت اليهود أن عزير إبن الله؟ وهل وقع القرآن في خطأ تاريخي؟

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ:
منقول من صفحة العلم يؤكد الدين على فيسبوك:
نص الشبهة: 
هل قالت اليهود أن عزير إبن الله؟ وهل وقع القرآن في خطأ تاريخي؟
 الجزء الأول:
يدعي بعض الناس بأن القرآن وقع في خطأ تاريخي أو عقائدي عندما ذكر أن اليهود قالوا أن عزير هو إبن الله, ثم يبدأون بطرح الأسئله التي تنم عن جهلهم بكتاب الله وهي:
أين ومتى قال اليهود أن عزير ابن الله؟ لقد بحثنا في كل كتب اليهود فلم نجد هذا الإدعاء؟ اليهود الذين يعيشون في فلسطين المحتله لا يقولون هذا الكلام ولا يعترفون بصحته, فكيف ينسب القرآن لهم هذا القول؟

أن سبب هذه الشبهه, هو سوء الفهم للنص القرآني , وفي هذا المقال سنرد على هذه الشبهه ونظهر لكم أحد أسرار القرآن الكريم ومدى بلاغه وترابط معانيه وأنه كلام الله المعجز.

يقول الله تعالى في سوره التوبه في الآيه 30: 
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ

قبل أن أن نرد على هذه الشبهه, هناك بعض الأسئله بحاجه الى إجابه:
1.من هم اليهود والنصارى المذكورون في الآيه؟ هل هم الذين عاشوا على زمن المسيح عليه السلام أم الذين عاصروا النبي محمد عليه الصلاه والسلام؟
2.لماذا قال الله في الآيه (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ) ولم يقل (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا قَبْلَهُم)؟ او (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُهم)؟
وماهو الفرق بين كلمه (من قبل) وكلمه (قبلهم) وكلمه ( من قبلهم) ؟ وما هي دلاله وجود حرف الجر (من) المذكور في الآيه؟
إن معرفه الفرق في المعنى بين العبارات السابقه هو مفتاح السر لفهم هذه الآيه والرد على من يشككون في صحه القرآن.

أولا : من هم اليهود الذين ذكروا في هذه الآيه؟
يخطأ بعض الناس حين يعتقد ان كلمه (اليهود) في هذه الآيه عائده على اليهود الذين عاشوا في زمن النبي عيسى عليه السلام, وهذا غير صحيح إطلاقا, إن كلمه (اليهود) في كل القرآن الكريم تكررت 7 مرات , مرتان في سوره البقرة , و اربع مرات في سوره المائده, ومره في سوره التوبه, كما في الآيات التاليه:
1. وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ ﴿١١٣ البقرة﴾
2. وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴿١٢٠ البقرة﴾
3. وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴿١٨ المائدة﴾
4. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴿٥١ المائدة﴾
5. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ﴿٦٤ المائدة﴾
6. لتجدن أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴿٨٢ المائدة﴾
7. وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ﴿٣٠ التوبة﴾

 وفي كل الآيات السابقة التي ذكرت فيها كلمه ( اليهود), كان يقصد بها اليهود الذين عاصروا النبي محمد عليه الصلاه والسلام وليس يهود ونصارى فلسطين في زمن المسيح عليه السلام أو ما بعده, ومن يريد التأكد من صحه الكلام فليعد الى كتب التفسير كالطبري وإبن كثير وفتح القدير للشوكاني وغيرهم, فسيجد أن اسباب نزول هذه الايات (في الغالب) كان متعلقا بيهود ونصارى المدينه. 

أذن يهود ونصارى المدينه المنوره الذين عاصروا النبي عليه الصلاه والسلام هم الذين قالوا أن عزير إبن الله وأن المسيح هو إبن الله , وكلامهم هذا كان شفهي بألسنتهم كما قالت الآيه ولم يكن مكتوبا في كتب , والعديد من المفسرين قالوا ان كلامهم كان شفهي بألسنتهم مثل القرطبي الذي قال في تفسيره للآيه السابقه:
....وإنما هو قول بالفم مجرد نفس دعوى لا معنى تحته صحيح لأنهم معترفون بأن الله سبحانه لم يتخذ صاحبة فكيف يزعمون أن له ولدا ، فهو كذب وقول لساني فقط.

ثانيا : لماذا قال الله في الآيه (من قبل) ولم يقل ( من قبلهم) أو (قبلهم)؟ وما علاقه هذه العباره بفهم الآيه؟
حرف الجر (من) هو أحد حروف الجر في اللغه العربيه وله معاني وإستخدامات عديده , فواحده من أكثر استخدامات حرف الجر ( من) هو إبتداء الغايه الزمانيه أو المكانيه.
فعندما نقول : خرجت من المنزل الى الجامعه – (من) هنا تفيد إبتداء الغايه المكانيه اي خرجت من مكان الى مكان آخر.
أما عندما نقول : درست للإمتحان من الصباح حتى المساء – (من) هنا تفيد إبتداء الغايه الزمانيه أي درست منذ وقت الصباح وحتى وقت المساء.

وإضافه حرف الجر (من) الى الآيات القرآنيه وحذفه منها متكرر كثيرا في القرآن وله دلاله لغويه ولم يأت عبثا, ولكي نفهم هذا المدلول نستعرض الآيتين التاليتين من القرآن:
1. سورة الأنبياء - الآية [7] وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
2. سورة النحل - الآية [43] وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون

ففي الآيات السابقه, حذف حرف الجر ( من ) في الآيه الأولى من سورة الأنبياء , بينما ذكر في الآيه الثانيه من سورة النحل, ولكن ما هو المعنى الذي يغيره حرف الجر (من) بأضافته الى الآيه او حذفه منها؟ علما بأن الايتان متطابقان كليا حتى في كلماتهما؟ الجواب على هذا السؤال سيكشف كل اسرار حرف الجر (من ) في القرآن الكريم, وسيوضع المعنى الحقيقي للآيه موضع البحث.

ولذلك ,من يقرآ القرآن بتدبر ويقوم بالإحصاء, سيجد التكرار التالي : 
• كلمه (قبل) و (قبلك) و(قبلهم) بدون حرف الجر (من ) : 42 مرة
• كلمه ( قبل) و (قبلك) و(قبلكم)و ( قبلنا) و (قبله) و(قبلها ) و ( قبلهم) و (قبلي) مع حرف الجر ( من) : 196 مرة
وهذا التكرار في العبارات, وإدخال حرف الجر ( من) على بعض الآيات وحذفه منها, يشهد فعلا أن هذا القرآن هو كلام الله, وأن كل حرف فيه وضع في مكانه الصحيح, ولكن لا يتسع المقام هنا لشرح الفروقات في المعاني, فربما أجعله في منشور آخر.

إن عباره (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ) التي ذكرت في الآيه تعني ( يماثلون في قولهم هذا قول الذين كفروا من الأمم السابقه التي عاشت قبل زمانهم وقالت نفس قولهم), ولا تعني ( يماثلون في قولهم هذا قول الذين كفروا من قبلهم من اليهود والنصارى) والخطاب في هذه الآيه هو ليهود ونصارى المدينه.
فكلمه ( قبل) هي كلمه عامه نكرة, تشمل كل من سبقهم من الأمم الكافرة بكل أجناسها, وبسبب دخول حرف الجر ( من) عليها, فيدل هذا على إبتداء الغايه الزمانيه في الإدعاء بأن الله له ولد بدأ من أول أمه كافره قالت هذا الكلام.

فلو قال الله مثلا في الآيه (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُهم) دل هذا المعنى أن يهود ونصارى المدينه الذين إدعوا ان لله ولد, يماثلون في قولهم هذا قول الذين كفروا من قبلهم ( أي من نفس جنسهم وهم اليهود والنصارى في زمن المسيح عليه السلام), وبسبب دخول حرف الجر على الأيه فيدل ذلك على إبتداء الغايه الزمانيه في الإدعاء بأن لله ولد بدأ من أول أمه يهوديه ونصرانيه قبلهم.

ولو قال الله (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا قَبْلُهم),مع حذف حرف الجر (من), دل هذا المعنى على ان يهود ونصارى المدينه الذين إدعوا ان لله ولد, يماثلون في قولهم هذا قول الذين كفروا قبلهم من اليهود والنصارى أبتداءا من وقت آدم عليه السلام, فبسبب حذف حرف الجر (من) , تصبح الفتره الزمنيه ممتده وغير محدوده وحتى وقت سيدنا آدم عليه السلام.
وهذا المعنى الأخير لا يصح إطلاقا, لأن وقت سيدنا آدم وربما بعده بسنوات كثيره, لم يقل أحد ان لله أبناء, عدا عن أن اليهود والنصارى لم يكونوا موجودين اصلا في وقت سيدنا آدم .

إذا كنت لا تزال تجد صعوبه في فهم المعنى والفرق بين دخول حرف الجر (من) على الآيه أو حذفه منها, فانظر الى الصورة المرفقه رقم (1).

لذا فأن كلمه ( من قبل ) المذكورة في الآيه تعني الذين كفروا من قبلهم من الأمم ولا تعني الذين كفروا من قبلهم من اليهود والنصارى الذين هم من نفس جنسهم.

فعندما أستخدم القرآن كلمه ( من قبل) دل ذلك على ان هذا القول ( وهو الإدعاء بوجود ابناء لله) هو(شبيه) بقول سابق, قاله الناس والأمم التي قبلهم وليس بالضروره ان يكونوا من نفس جنسهم , يعني يهود أو نصارى مثلهم.

والذي عنده إضطلاع على الأديان القديمه, سيجد ان البوذيين يؤمنون بأن بوذا هو إبن الله المخلص, وان الفراعنه قالوا عن حورس بانه إبن الإله أوزيريس, وفي الديانه الهندوسيه أيضا يعتبر الإله كريشنا ابنا للإله فيشنو, وفي الديانه الفارسيه القديمه يعتبر ميثرا إبنا للإله هرمز ونفس الشيئ في الاساطير البابليه والسومريه حيث نجد قصص وروايات تتحدث عن تزاوج الآلهه وإنجابها للابناء وذكرتها على صفحتي في مقال سابق, وحتى في زمن النبي عليه الصلاه والسلام, كانت قريش تسمى الأصنام (بنات الله), حيث رد الله إدعائهم هذا في سورة النحل في الآيه 57 : ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون.
 
والخلاصه أن هذه الآيه القرآنيه التي أسيئ فهمها تعني التالي : 
ان اليهود والنصارى الذين عاشوا في المدينه المنوره في وقت النبي محمد عليه الصلاه والسلام قالوا أن لله أبناء وقولهم هذا كان بافواههم, والذي يشبه كلام الذين كفروا من كل الأمم التي اتت قبلهم, أبتداءا من أول أمه أدعت أن لله ولد.

الجزء الثاني:
هل قالت اليهود أن عزير إبن الله؟ وهل وقع القرآن في خطأ تاريخي؟ الجزء الثاني والاخير

عزير الرجل الصالح المذكور في القرآن الكريم والذي يقال أن الله أماته مئه عام ثم بعثه, هو الإسم المعرب ل( عزرا), ( بالعبريه עזרא ) وهو في اليهوديه أحد قادة شعب اليهود , ويوجد سفر كامل في الكتاب المقدس بإسمه وهو سفر (عزرا).

إدعاء ان اليهود قالوا أن عزير إبن الله, رددت عليه في المنشور السابق بشكل مفصل, وأرجو ان يكون الله قد وفقني لذلك, لكن بقي سؤال نريد الإجابه عليه وهو لماذا جاءت كلمه اليهود في الآيه القرآنيه التي تتحدث عن عزرا بصيغه الجمع؟ ولماذا يعمم الله قول يهود المدينه على كل اليهود في العالم؟

أولا : إن كلمه " اليهود" في الآيه القرآنيه بالتأكيد لا تعني كل اليهود في العالم, ولم يقل أحد من المفسرين بهذا الكلام, هذه الكلمه يقصد بها فئه محدده من اليهود كما قال العديد من المفسرين مثل القرطبي والطبري وإبن كثير وغيرهم, وهذا الأسلوب في الخطاب القرآني يسمى ( لفظ عموم يراد به خصوص), وأمثلته كثيره في القرآن الكريم, ويوجد مثال مشابه له في الكتاب المقدس , حيث ورد في "رساله بولس الى تيطس" في الاصحاح الاول فقره 12 النص التالي:  
" قال واحد منهم، وهو نبي لهم خاص: الكريتيون دائما كذابون. وحوش ردية. بطون بطالة"

فالنص السابق يقول : ان الكريتيون (نسبه الى جزيره كريت اليونانيه) دائما كاذبون!!!
هل يقصد في النص السابق أن كل الكريتيون كاذبون حتى يومنا هذا؟ ام كان يقصد فئه معينه من الكريتيين التي عاشت في تلك الجزيره في ذلك الزمن؟
سنطلب من المسيحي الذي ينتقد كلمه ( اليهود) في القرآن أن يجيب على هذا السؤال من كتابه لكي يتعلم معنى (لفظ عموم يراد به خصوص).

ثانيا : دليل قاطع من التوراه على تعظيم اليهود لعزير:
أثناء بحثي في التوراه , وجدت نصا قاله اليهود في عزير, يثير الأستغراب فعلا, فقد ورد في (سفر عزرا في الأصحاح العاشر فقره 3 ترجمه الفانديك) , قول لأحد اليهود, يثبت أنهم عظموا عزير وجعلوه في منزله الله نفسه, وهذا النص تم تحريفه والتلاعب في معانيه كعادة المترجمين والمحرفين, وسنثبت أنه تم تحريفه بأدله من الكتاب المقدس نفسه ومن معاجم اللغه العبريه وأقوال مفسري الإنجيل.

النص العبري المذكور في سفر عزرا للإصحاح السابق هو التالي:
עתה נכרת־ברית לאלהינו להוציא כל־נשים והנולד מהם בעצת (אדני) והחרדים במצות אלהינו וכתורה יעשה

والكلمه العبريه في النص السابق بين الأقواس (אדני) تلفظ (أدوناي) , وهي تحمل الرقم 113 في قاموس سترونج لمفردات الكتاب المقدس, وهذه الكلمه هي أسم آخر ل( الله) بالعبريه, لأن اليهود يخاطبون الله بثلاث كلمات معروفه ومشهوره في التوراه وهي: يهوه والوهيم وأدوناي, حيث تقول دائره المعارف الكتابيه في شرحها لكلمه الله / أبن الله / أبناء الله: 
"....يوجد في العهد القديم باللغة العبرية ثلاث مترادفات رئيسية لاسم الجلالة وهي "الوهيم" و"يهوه" و"أدوناي"

أيضا دائره المعارف الكتابيه في الصفحه 145 و 377, تقول أن أدوناي هو أسم أو لقب آخر ل(الله) – الصورة المرفقه رقم 1 و 2.

نفس الكلمه ايضا (אדני ) ,استخدمت في سفر التكوين في الإصحاح 15 فقرة 2 في النص العبري التالي:
ויאמר אברם (אדני) יהוה מה־תתן־לי ואנכי הולך ערירי ובן־משק ביתי הוא דמשק אליעזר׃

وترجمة هذا النص الى العربيه كما ذكرت النسخ العربيه من الكتاب المقدس هو كالتالي:
فقال أبرام: أيها السيد الرب, ماذا تعطيني وأنا ماض عقيما".

وكلمه " السيد الرب" في النص السابق , مترجمه من العبريه من نفس الكلمه السابقه (אדני ) المذكورة في سفر عزرا, وتلفظ (أدوناي ) أيضا, والكلمتان المذكورتان في سفر التكوين وسفر عزرا, لهما نفس الرقم في قاموس سترونج لمفردات الكتاب المقدس , مما يدل على أنها كلمه واحده أستخدمت نفسها في الأصحاحين, وهي تحمل معنى السياده, ويوصف بها الله في اليهوديه.

ولكن عندما قام مترجمو الكتاب المقدس بترجمه سفر عزرا الى العربيه, لم يترجموا الكلمه العبريه (אדני ) الى ( السيد الرب) كما فعلوا في سفر التكوين, بل قاموا بترجمه النص كالتالي: ( بحسب الترجمه العربيه المشتركه وترجمه الفانديك):
" لِنَقْطَعِ الآنَ عَهدًا معَ إلهِنا على إخراج جميعِ النِّساءِ وأولادِهِنَّ، وَفْقًا لِمَشورَتِكَ يا (سيّدي) ومَشورَةِ الذينَ يَحتَرِمونَ وَصيَّةَ إلهِنا، ولنَعمَلْ بِحسَبِ الشَّريعَةِ".

بينما كان المفروض أن يترجم النص كالتالي:
لِنَقْطَعِ الآنَ عَهدًا معَ إلهِنا على إخراج جميعِ النِّساءِ وأولادِهِنَّ، وَفْقًا لِمَشورَتِكَ يا (سيدي الرب) ومَشورَةِ الذينَ يَحتَرِمونَ وَصيَّةَ إلهِنا، ولنَعمَلْ بِحسَبِ الشَّريعَةِ.

ففي النص السابق بعد الترجمه الصحيحه, يتقدم (شكنيا بن يحيئيل) نيابة عن كل جماعه اليهود ويعترف للكاهن عزرا عن الخطأ بالزواج من الوثنيات بعد العوده من السبي ويقول له: وفقا لمشورتك يا سيدي الرب....

ومفسري الكتاب المقدس أيضا , يعترفون بان كلمه " سيدي الرب" في النص السابق مترجمه من الكلمه العبريه (אדני ) التي تلفظ " أدوناي" , وأن المخاطب بها كان عزرا, حيث يقول القمص تادرس يعقوب في تفسيره لعباره ( وفقا لمشورتك يا سيدي) : "أي الأمر متروك لحكمة عزرا ومشورته".
والقس أنطونيوس فكري يقول ايضا في تفسيره للعباره السابقه : "أي الأمر متروك لحكمة ومشورة عزرا".

أذن شكنيا بن يحيئيل يخاطب عزير ويقول له: يا سيدي الرب !!!,وهذا أول اثبات من الكتاب المقدس على أن اليهود عظموا عزير وجعلوه بمنزله الله نفسه. 
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا ترجمت نفس الكلمه (أدوناي) مرة الى (سيدي الرب) في سفر التكوين, ومره الى (سيدي) في سفر عزرا؟؟

ثالثا: كلمه إبن الله في اليهوديه:
ان كلمه ( أبن الله) لها معنى مختلف بين اليهوديه والمسيحيه, ففي اليهوديه أو ( العهد القديم), تقول " الموسوعه الكاثوليكيه" إن هذا اللقب كان يطلق على :
قاده الناس او الجماعات, الملوك, الأمراء, القضاه, الأنبياء, والملائكه, وشعب مملكه إسرائيل الذين كانوا يعتبرون أنفسهم افضل من غيرهم وسموا انفسهم ( ابناء وبنات الله), ولا يقصد أبدا ان عزرا هو إبن لله بالنسب كما في المسيحيه.
إما في المسيحيه فأن كلمه (إبن الله) يقصد بها حصرا يسوع وليس أحد غيره, وهي تعني أبن الله المتجسد
ويمكن قراءه المزيد عن هذا اللقب وإستخداماته في اليهوديه على هذا الرابط: 
http://www.newadvent.org/cathen/14142b.htm

وكلمه (إبن الله) أستخدمها اليهود بكثره في العهد القديم, ففي خطاب الله الى النبي موسى في سفر الخروج الإصحاح الرابع, 
يقول الرب لموسى: فتقول لفرعون: هكذا يقول الرب: إسرائيل إبني البكر.

والنبي داوود لقب بإبن الله كما ورد في سفر صموئيل الثاني اصحاح 7:
"هو يبني بيتا لاسمي وانا اثبت كرسي مملكته الى الابد. انا اكون له ابا وهو يكون لي ابنا.

والنبي سليمان ايضا لقب بإبن الله كما في سفر اخبار الأيام الأول اصحاح 22:
هو يبني بيتا لاسمي (وهو يكون لي ابنا) وانا له ابا واثبت كرسي ملكه على اسرائيل الى الابد.

فواضح جدا من التحليل السابق, أن اليهود عظموا عزرا , الذي هو قائد لجماعتهم, وأحد أفراد شعب إسرائيل (شعب أبناء الله كما يسمون أنفسهم), بل وخاطب اليهود عزرا بلقب خاص بالله حصرا وجعلوا منه (الله) نفسه, بل ويؤمن اليهود أيضا بأن عزرا صعد الى السماء, وقد ذكر هذا الكلام في ( الموسوعه اليهوديه)بعنوان " الصعود" على هذا الرابط في الفقرة الأولى:
http://www.jewishencyclopedia.com/articles/1885-ascension

فإذا كان اليهود السابقون يؤمنون بكل ماذكر عن عزرا في الأعلى , فما الذي يمنع يهود المدينه المنوره أن يقولوا أن عزير إبن الله؟

أن هذا الإستنتاج هو ما توصل اليه الباحثون وعلماء الأديان , حيث أعترفوا بأن يهود المدينه المنوره يحتمل جدا أنهم قالوا عن عزير أنه إبن الله كما ذكر القرآن.

رابعا : اعترافات علماء التاريخ بإحتمال نسبه هذا القول الى اليهود:
•المصدر الأول هو من المصادر اليهوديه نفسها, حيث يقول الدكتور Haim Zeev Hirschberg) ) وهو يهودي متوفى سنه 1976) , في "الموسوعه اليهوديه" في الصفحه 653 :
الصالحين ( ويقصد اليهود) الذين عاشوا في اليمن, كانوا فعلا يعتقدون أن عزير هو إبن الله.

•المستشرق الأنجليزي ( George Sale ) يقول في كتابه " ترجمه القرآن" في الصفحه 152 :
بعض المؤرخين قد اشارو الى أن بعض اليهود القدماء في العربيه ومنهم يهود المدينة واليمن قد قالوا بذلك, لأنه بعد ضياع الناموس و نسيانه أثناء السبي البابلى قام عزرا - بعد أن بعث بعد موته مائة عام - قام بإملاء التوراة بالكامل من ذاكرته للكتبة , و هو ما أعجبهم جدا و أعلنوا أنه لا يمكن أن يقوم بذلك العمل إلا إذا كان ابنا لله.

•ويقول البروفيسور (Gordon Darnell Newby ) أستاذ الدراسات الإسلاميه واليهوديه ومقارنه الأديان, في كتابه " تاريخ اليهود في الجزيره العربيه" في الصفحه61:
مصطلح ( ابن الله) يمكن إطلاقه على المسيح, و لكنه فى الغالب كان يطلق عند اليهود على الرجال الصالحين, و طبقا للتقليد اليهودي لا يوجد أكثر صلاحا ممن اختارهم الله ليرفعهم إلى السماء أحياء (كمركبا وعزرا), و من ثم فإنه من السهل أن نتصور أنه كان من يهود جزيره العرب من يشترك فى ممارسات فيها غلو مرتبطة بمركابا و عزرا بالقول انهما ابنا الله.

وصلى الله على سيدنا محمد وصدق كتاب الله وكذب المشككون.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرد على الشبهات حول زواج النبي ﷺ من السيدة صفية رضي الله عنها ؟؟

الرد على الشبهات حول زواج النبي ﷺ من أمنا زينب بنت جحش رضي الله عنها؟!

الرد على شبهة ملك يمين!!!