أكذوبة إحتلال المسلمين لبلاد الأمازيغ. إنتشار الإسلام في شمال أفريقيا.
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ:
منقول من صفحة العلم يؤكد الدين على الفيسبوك:
- هل كانت شمال إفريقيا بلاداً حرة مستقلة يحكمها الأمازيغ أم أنها كانت تحت الإحتلال ؟ و هل مر يوم عليها قبل الفتوحات كانت فيه موحدة تحت راية واحدة أو كيانا مستقلاً بذاته ؟
يقول المؤرخ الفرنسي "غوتييه" عن حالة شمال إفريقيا عبر التاريخ ما نصه: (( بقدر ما رجعنا في ماضي (شمال إفريقيا)، سنجد و نرى سلسلة متواصلة من الهيمنة الأجنبية: قام الفرنسيون بخلافة الأتراك الذين قاموا بخلافة العرب الذين قاموا بخلافة البيزنطيين الذين قاموا بخلافة الوندال الذين قاموا بخلافة الرومان الذين قاموا بخلافة القرطاجيين الفينيقيين....و نلاحظ أن الفاتح أيا كان، لا يزال سيد و حاكم دول المغرب حتى يتم طرده أو انتزاع حكمه من فاتح آخر جديد خلفاً له....طيلة تاريخ هذه الأرض لم يتمكن أبداً سكانها المحليون من طرد سيدهم. )). [1]
.
.
.
- من كان يحكم شمال إفريقيا عند قدوم السلمين إليها ؟ الأمازيغ أم الإحتلال البيزنطي ؟
نجد الإجابة في أحد السجلات التاريخية اللاتينية المعنية بالشؤون العربية-البيزنطية، حيث نقرأ منها نصاً صريحاً يقول: (( الوالي الرومي "غريغوري" يتحكم بكل شيء بين طرابلس و طنجة )). [2]
و ننقل أيضاً تعليق ابن خلدون على الوضع السياسي في شمال إفريقيا قبل الإسلام حيث قال: (( وكذا الأمة الذين كانوا بإفريقية غالبين على البربر ونازلين بمدنها وحصونها إنما كانوا من الفرنجة )) [3]
.
.
.
- كيف كانت حال الأمازيغ قبل الفتوحات ؟ هل كانوا يعيشون في ازدهار و ثراء أم أنهم كانوا يعيشون في فقر مدقع تحت الظلم و القمع البيزنطي؟
كان الحال سيئا لدرجة أن شمال إفريقيا كادت تفقد مواردها و ثرواتها بسبب البيزنطيين، حيث يخبرنا المؤرخون أنه: ((...تعددت الضرائب و الإتاوات على اختلافها و كثرت نفقات الدولة، فثقلت المغارم على الرعايا مما حمل المؤرخ "بروكوب-Procope" على القول بأن الظلم و التعدي الصادرين عن الإدارة البيزنطية فيما يتعلق بالمسألة المالية كانا سببين في امتصاص ثروة البلاد المغربية و إفقار أهلها. )) [4]
- هل كان الأمازيغ أبداً متوحدين ؟ هل كانوا في يوم ما أمة واحدة أو شعباً واحداً أو كان عندهم أي شعور بالقومية أو الإنتماء القومي إلى الأمازيغ ؟
يخبرنا المؤرخ البريطاني المرموق "هيو كينيدي" عن طبيعة انتماءات الأمازيغ ما نصه:
(( كانت سكنى الأمازيغ تمتد من حدود وادي النيل في الشرق و حتى بلاد المغرب في الغرب.....و لم يكونوا بأي شكل من الأشكال متوحدين سياسياً بل كانو ينتمون إلى عدد ضخم جداً من القبائل المختلفة...)). [5]
و قد كانت الحروب و المناحرات الدموية بين الأمازيغ شديدة الوطئة، حيث أن البيزنطيين قد زرعوا بذور الفتنة و الشقاق في صفوف الأمازيغ بعد احتلالهم لشمال إفريقيا، و استمالوا بعض قادة الأمازيغ و ألّبوهم ضد الأمازيغ الآخرين و اختلقوا الحروب الأهلية بغية إضعاف السكان حتى تسهل السيطرة عليهم تطبيقاً لمبدأ "فرّق تسد". [6]
.
.
.
- و هل كانوا جميعاً سكان شمال إفريقيا منذ القدم أم أن بعضهم قد هاجر إليها في وقت متأخر و قبل قدوم الفتوحات بقليل ؟
بعد دراسة الآثار التي تركتها المستوطنات المتأخرة في غرب ليبيا في أواخر العصر البيزنطي، تبين أن هناك قبائلاً من الأمازيغ لم تأتي إلى شمال إفريقيا إلا في منتصف القرن السادس الميلادي (قبل الفتوحات الإسلامية بقرن واحد فقط)، حيث كانت هناك حركة هجرة منبثقة من مصر و منطقة برقة باتجاه طرابلس و ما حولها. [7]
.
.
.
- هل كان الأمازيغ قبل الفتوحات مسالمين و تاركين للشعوب المجاروة في حالها أم أنهم كانوا هم أيضا غزاة محتلين ؟
يخبرنا المؤرخ الأمريكي "والتر كايغي" بأن قبائل الأمازيغ في زمن الفتوحات كانت قبائل غازية للشعوب المجاورة و تقوم بتدمير كل ما تجده في طريقها، خصوصاً تلك المناطق التي تقلّ بها الحامية العسكرية و الحراس، حيث يقول أثناء حديثه عن وضع الجيوش الإسلامية في مصر ما نصه:
(( لم يكن هناك الكثير من الجنود المتوفرين ليتمركزوا في غرب مصر و نوميديا و البطريركيات الإفريقية، و التي كانت مكشوفة أمام غزوات الأمازيغ ذات الآثار الكارثية البشعة. )). [8]
.
.
.
- هل كان العرب هم الذين أتوا بالعبودية إلى شمال إفريقيا ؟ أم أن الأمازيغ هم الذين كانو يستعبدون بعضهم البعض و يبيعون بعضهم البعض للأمم الأخرى حول العالم ؟
يجيبنا عن هذا القديس "أغوسطينوس" (مات سنة 430 ميلادية) الذي كان هو نفسه أمازيغياً و أحد آباء الكنيسة حول العالم، حيث يخبر في أحد رسائله إلى القديس "آليبيوس الطاغاسطي" عن مدى ضخامة و فظاعة ممارسات العبودية في شمال إفريقيا في ذلك الزمن قائلاً:
(( إن هناك الكثير من هؤلاء في إفريقيا و المعروفين عامة بـ"الإستعباديين"، و الذين قاموا بتجفيف إفريقيا من البشر و إفراغ مساحات شاسعة من أراضيها من السكان و نقلوهم كالبضاعة للمناطق الأخرى عبر البحر، كل هؤلاء العبيد كانو أحراراً في الأصل. )). [9]
و قد أكدت المؤرخة الأمريكية "سينثيا نيلسن" أن أوغسطينوس كان يقصد شمال إفريقيا على وجه التحديد بهذه العبارات و ليس إفريقيا بالكامل. [10]
.
.
.
- ما مدى درجة العبودية التي وصلت إليها بلاد شمال إفريقيا قبل الإسلام ؟ و من كان يستعبد من ؟
الواقع هو أنه لم يكن يوجد بيت في شمال إفريقيا و ليس فيه عبيد، على الأقل عبد ذكر و جارية أنثى، و كانوا يعيشون مع باقي الأسرة داخل المنزل.
و يذكر أيضاً أن الأمازيغ هم الذين كانو يقومون ببيع أبنائهم و بناتهم إلى الآخرين لتخفيف المصاريف الناتجة عن الضرائب الثقيلة، حيث كان الإبن أو البنت يباعون ليصبحو خدماً عند الآخرين حتى يبلغو منتصف العقد الثالث من أعمارهم. [11]
.
.
.
- بعد الفتوحات الإسلامية، من الذي كان يقوم بالسبي و يستعبد الأمازيغ و يبيعهم للعرب ؟ هل كان العرب أنفسهم أم كان الأمازيغ هم الذين يفعلون هذا ببني جلدتهم ؟
تتحدث المؤرخة الأمريكية "إليزابيث سافاج" عن وضع نظام السبي و الرق بعد الفتوحات الإسلامية قائلة:
(( لقد كان الطلب على العبيد مستمراً حتى بعد انتهاء الفتوحات، , و كان التجار الشمال-إفريقيون هم الذين يقومون بتلبية هذا الطلب بعد ذلك بفترة قصيرة. )). [12]
.
.
.
- هل قاوم كل الأمازيغ الفتوحات الإسلامية أم أنهم رحبوا بها ؟
.
يقول المؤرخ الأسترالي "مايلز لويس" عن ذلك ما نصه: (( إن الموجة الأولى من الفتوحات العربية كان ينظر إليها على نطاق واسع على أنها قوات تحرير جائت لتطرد البيزنطيين الذين كانوا مكروهين بسبب ضرائبهم الثقيلة و موقفهم المتعنت تجاه المذاهب المسيحية المحلية التي كانو يعتبرونها حركات هرطقة ضالة. )) [13]
المفاجأة هي أن أول لقاءات العرب بالأمازيغ لم تكن بالقتال أو الحرب، حيث لم يحاول عمرو بن العاص أن يبدأهم بالقتال، بل إن قبائل الأمازيغ غير الخاضعين للسيطرة البيزنطية في النصف الشرقي من ليبيا (و الذين كانو يكرهون البيزنطيين و يحقدون عليهم أشد الحقد بسبب القمع الذي تعرضوا له من قبل قادتها)، قد رحبو بقدوم المسلمين و عقدوا معهم معاهدة سلام و صلح، و وافقوا على دفع ضريبة معينة بشكل سنوي أو الإستعاضة بذلك عن طريق بيع ما لديهم من عبيد إلى العرب، حيث كان الأمازيغ في ذلك الوقت أكبر تجار العبيد في شمال إفريقيا. [14]
هذا و تتفق كل المصادر التاريخية على أن فتح برقة كان صلحاً و ليس عنوة، حيث لم نسمع بمصدر تاريخي موثوق يقول بأن برقة فتحت بالقتال. [15]
.
.
.
- هل قام الأمازيغ بمساعدة العرب في فتح شمال إفريقيا ؟
كان هناك الكثير من الأمازيغ الذين ساعدوا العرب أثناء تقدمهم ضد قوات الروم البيزنطيين، فمثلاً، كانت عندما وصل المسلمون إلى تونس لم يقاتلوا الأمازيغ بل قاتلوا "سيباستيان" الوالي البيزنطي عليها، أما الأمازيغ الذين كانو يسكنونها فقد عرض الكثير منهم بالتسليم و الطاعة للمسلمين بدون أي قتال كما حدث في قرطاجنة، أما سوسة فقد قام أهلها من الأمازيغ بفتح بواباتها أمام المسلمين و تسليمها لهم بدون قتال بعد أن هرب منها الروم. [16]
و حتى في الجزائر، قابل المسلمون بقيادة عقبة بن نافع مقاومة عنيفة من قبل الروم و معهم بعض الأمازيغ، بينما في نفس الوقت أتت الكثير من القبائل الأمازيغية إلى معسكر المسلمين طوعاً و انضموا إليهم بدون قتال، بل و أصبح الكثير منهم يقاتلون في صف المسلمين ضد البيزنطيين ومن حالفهم من الأمازيغ......أما الأمازيغ الذين كانو يقاتلون في صف البيزنطيين، فحتى بعد هزيمتهم قام عقبة بمسامحتهم على ذلك و لم يعاقبهم، بل قبل منهم الإستسلام و ضمّهم إليه.[17]
- ماذا عن الأمازيغ الذين قاوموا الفتوحات، هل قاوموها كحركة قومية تحررية أم كانوا فقط جنوداً و عملاء في الجيش البيزنطي ؟
الإجابة هي: لا.....لأن الحاكم البيزنطي "غريغوري" و الأمازيغ الذين يقاتلون معه كانوا يقولون أنهم يقاتلون في سبيل الإمبراطورية البيزنطية و دفاعاً عن مستعمراتها وليس عن الأمازيغ أو بلاد الأمازيغ، حيث كانوا يرون مهمتهم على أنها "إنقاذ لبيزنطة من التهديد العربي كما قام هرقل من قبلهم بإنقاذها من قبضة الفرس". [18]
و نرى في أكثر من موضع أن المدن التي لاقى فيها المسلمون مقاومة لم تكن أمازيغية صرفة، بل كانت تحت سيطرة الروم البيزنطيين بشكل أو بآخر.
.
.
.
- ماذا عن الزعيم الأمازيغي "كسيلة" ؟ هل كان يقاتل في سبيل التحرر و القومية الأمازيغية أن كان فقط يخوض صراعاً في سبيل الكرسي و السلطة ؟
لا يعرف الكثيرون أن "كسيلة" كان يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله، وقد شهد له المؤرخون بحسن إسلامه، و أنه كان مجرد ملازم عند عقبة بن نافع، و يحارب في صفوف المسلمين ضد البيزنطيين و من معهم من الأمازيغ [19]، حيث أنه و قومه قبل الإسلام كانوا نصارى و تحت السيطرة البيزنطية، و قاموا بالإنضمام إلى العرب المسلمين طوعاً عند وصولهم إليهم. [20]
و لكن السبب الحقيقي لانشقاقه عن عقبة كان سياسيا صرفاً، حيث يذكر المؤرخون أن عقبة لم يكن يعامله على أنه ملك أو زعيم، بل كان يعامله كما يعامل باقي القادة المسلمين، مما خلق في داخل كسيلة شعوراً بالإحتقار لأنه رأى أن هذا استخفاف به و بمكانته، فقرر أن ينقلب على عقبة و يستولي هو على البلاد بدلاً منه.....و قد صدرت منه الخيانة بسبب هذا و أعلم البيزنطيين بتحركاته حتى يضمن انشغال المسلمين بمقاتلتهم بدلاً من أن يواجههم لوحده. [21]
زد على هذا أن هناك من المسلمين ممن لم يقاتل كسيلة و لم يرضى بقتاله لأنه كان في نظرهم مسلماً و بالتالي لا يجوز بدءه بالقتال، و حتى المدن التي بناها المسلمون التي استولى عليها من عقبة و أبي المهاجر كان بها الكثير من العرب و المسلمين، و بقو يعيشون فيها حتى بعد أن سيطر عليها كسيلة. [22]
و حتى بعد انتصار كسيلة و من معه، فقد انقلب هو و أتباعه على بعضهم البعض و تفرقوا إلى أحزاب متصارعة، مما مهد لرجوع المسلمين مرة أخرى. [23]
و بهذا نرى أن الحرب التي وقعت بين كسيلة و غيرهم لم تكن حرباً تحررية أو حركة مقاومة قومية، بل كانت مجرد صراع سياسي هدفه الوصول إلى الكرسي ..
..
- ماذا عن الكاهنة "ديهيا" ؟ أليست رمزاً للمقاومة الأمازيغية ضد الإحتلال العربي الغاشم؟
هناك الكثير من الأسباب الرئيسية التي تجعلنا لا نميل إلى تصديق هذه الخرافة، حيث أن الحقائق التالية تظهر لنا عكس ذلك بالضبط:
أولاً، الكاهنة لم تكن لا قائدة قومية و لا غيره، بل كانت امرأة يهودية من قبيلة أمازيغية تدين بالديانة اليهودية. [24]
ثانياً، لم تكن ثورتها حركة مقاومة، بل كانت فقط حركة ثأر قبلي هدفه الثأر لكسيلة الذي قُتل في أحد المعارك ضد المسلمين، و قد كان خطابها الأساسي مركزاً على الثأر لدم كسيلة و ليس على التحرر المزعوم. [25] حيث تذكر بعض المصادر أن "كسيلة" كان إبن الكاهنة و أن الكاهنة كانت أمّاً له. [26]
ثالثاً، لو كانت حركة الكاهنة فعلاً حركة تحررية قومية، لما كانت تعمل تحت إمرة الإحتلال البيزنطي و تمهد له احتلال البلاد من جديد، حيث أنها حاربت المسلمين أثناء محاربتهم للبيزنطيين، و بعد نجاح تمردها قام البيزنطيون فوراً بالرجوع إلى شمال إفريقيا و سيطروا على قرطاجة. [27]
رابعاً، أن قوات الكاهنة كان في صفوفها الكثير من اليونانيين/الإغريق [28]، فإذا كانت حركة تحرر أمازيغية صرفة، فما دخل الإغريق بها و لماذا كانوا مشاركين فيها ؟
خامساً، حقيقة انضمام الآلاف من الأمازيغ إلى صفوف جيوش المسلمين في حربهم ضد الكاهنة، حيث كان هناك الكثير من الأمازيغ الذين يكرهون الكاهنة و ذهبوا إلى العرب و طلبوا منهم أن يأتوا و يحرروهم من قبضتها و جبروتها. [29]
.
.
.
- من الذي قام بتدمير مدن و مزارع شمال إفريقيا ؟ هل دمرها العرب أم دمرها الأمازيغ بأمر من الكاهنة ؟
الكاهنة هي التي أصدرت أوامرها إلى الأمازيغ بتدمير كل مدن شمال إفريقيا بالكامل حتى لا يستفيد منها المسلمون، و كما قال المؤرخون: (( قام الأمازيغ بتدمير المدن و القرى، أما المعادن الثمينة و كل ما لا يمكن تدميره و له قيمة فإنهم حملوه معهم إلى حصونهم في الجبال.....من طرابلس و حتى طنجة، عانت كل المدن و القرى من آثار هذا التدمير )) [30]
و لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت أيضاً بحرق كل المحاصيل و المزارع و البساتين و حولتها إلى رماد، مما أثار حنق و غضب الكثير من الأمازيغ الذين كانو يرفضون دعمها أو الوقوف إلى جانبها، و تسببت أفعالها في جعل الكثير من الأمازيغ (حتى من أتباعها) يهجرونها و يهربون منها و من استبدادها [31].
و الأكثر من هذا هو أن الكثير من الأمازيغ المنضمين تحت لوائها أدركو فداحة الخطأ الذي ارتكبوه بعدما جربوا قسوتها و طغيانها و استبدادها في الحكم، فقام الكثيرون منهم بالهرب منها و الإنضمام إلى المسلمين ليحاربوا فيما بعد تحت راية الإسلام ضد الكاهنة و أتباعها. [32]
.
.
- حقيقة مثيرة لا يعرفها الكثيرون عن الكاهنة، بينما يحاول الآخرون جاهدين إخفائها مع أنها مذكورة في كتب المؤرخين:
الكاهنة كانت تعرف أنها على خطأ، حيث أنها أرسلت أبنائها إلى معسكر المسلمين، و أمرتهم باعتناق الإسلام و الإنضمام إلى جيش المسلمين و حتى أن يحاربوا معهم ضدها. [33]
و فعلاً، فقد انضم أبناء الكاهنة إلى جيوش المسلمين و اعتنقو الإسلام، و لم يكونوا مجرد جنود عاديين في الجيش الإسلامي، بل تم تنصيبهما قائدين على فيالق الآلاف من الأمازيغ الذي كانو يقاتلون في صفوف المسلمين، حيث كان تحت كل منهما 12,000 أمازيغي يحارب في جيش المسلمين ضد الكاهنة و من معها. [34]
.
.
.
- هل قام المسلمون حقاً باستعباد أعداد ضخمة من الأمازيغ بعد هزيمة الكاهنة كما تورد بعض الروايات ؟
يرى المؤرخون في العصر الحديث أن هذه الأرقام و الإحصاءات التي تذكرها المصادر القديمة لا تمت للواقع بصلة، حيث يقول المؤرخ البريطاني "هيو كينيدي" عن هذه القضية بالذات:
(( في قصة حملة موسى بن نصير على المغرب، فإن عدد الأسرى الذين تم سبيهم و إرسالهم إلى المشرق هو الذي يطغى على كل الروايات...لقد تم تضخيم و تهويل هذه الأرقام بشكل حماسي مستهتر و غير مسؤول، و أصبح الجهاد الإسلامي يبدو بشكل غير مريح و كأنه مجرد غزوة استعباد هائلة. )) [35]
و بغض النظر عن عددهم الحقيقي، فإنه لا يجب إغفال حقيقة مهمة بخصوص مصيرهم، ألا و هي أن هناك الكثير منهم ممن تولّو مناصب عليا في الدولة الأموية، حيث أصبح البعض منهم ولاة و حكاماً لولايات الأمويين في شمال إفريقيا، و أيضاً كانت لهم اليد العليا و دور استثنائي و رئيسي في فتح إسبانيا. [36]
.
.
.
- هل قام المسلمون بإجبار الأمازيغ على اعتناق الإسلام بالقوة و الإكراه ؟ و هل اعتنقوا الإسلام جميعاً دفعة واحدة بسبب الهزيمة العسكرية أمام المسلمين كما يدعي البعض ؟
إن من أكبر الأدلة على كذب هذا الإدعاء هو أن الكثير من الأمازيغ بقو على الديانة النصرانية و الديانات الوثنية حتى نهاية العصور الوسطى، حيث يخبرنا المؤرخ البريطاني "توماس آرنولد" : ((....إن اعتناق الأمازيغ اللإسلام كان بلا شك عملية استغرقت قروناً عديدة، و حتى في يومنا الحاضر فإنهم لا يزالون يحتفظون بالكثير من عاداتهم البدائية التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية. )) [37]
و يكفينا أن نعرف أن أمازيغ المناطق الداخلية (الجنوب الغربي للجزائر و بلاد المغرب) التي لم تصلها الفتوحات كانو على دين الإسلام حتى قبل أن يطأ أراضيهم جندي عربي واحد، حيث أن القوات العربية لم تتجاوز حدود المناطق التي كان يسيطر عليها الروم البيزنطيون في الشمال و لم تتوغل فيها إلى الداخل، و مع هذا فقد كان الأمازيغ في تلك الأراضي معتنقين لمبادئ الدين الإسلامي و إن كانت الممارسات الدينية الإسلامية غير منتشرة فيما بينهم، حيث أنه لم يكن هناك مسلمون عرب في مناطقهم ليفقهوهم بالدين. [38]
و حتى نأتي بحقيقة الحال بشكل عام و مختصر، فإننا نقتبس من "تاريخ إفريقيا الشمالية" التابع للموسوعة البريطانية:
(( إن أسلمة الأمازيغ كانت نتيجة للفتح العربي، و لكن مع هذا لم يتم إجبارهم على اعتناق الإسلام بالقوة و الإكراه، و لا حتى إخضاعهم لنشاطات دعويّة ممنهجة من قبل فاتحيهم. )). [39]
.
.
- هل تسببت الفتوحات الإسلامية بتدمير شمال إفريقيا ؟ هل كان قدوم المسلمين وبالاً على المدن و الحضارة في تلك البلاد ؟
هذه النظرة التقليدية التي يعتقد بها الكثير من الناس ليس لديها أي أساس أثري أو تاريخي، بل على العكس، فإن العلماء اكتشفو ما يضاد هذه النظرية بالضبط، حيث تخبرنا البروفيسورة الأمريكية "كوريساندي فينويك" عن جهود بعض العلماء و الباحثين الأثريين في تحطيم هذه النظرة قائلة:
(( بتأكيدهم على استمرارية الحياة الحضرية و مستويات التجارة و ازدهار الريف حتى القرن الرابع عشر، فإنهم يؤكدون بأن الدمار الكارثي الذي تسبب به الفتح العربي في القرن السابع ليس إلا مجرد خرافة. )). [40]
#المصادر_و_المراجع:
=============
.
.
[1] - E.F.Gautier, Le Passe de l'Afrique du Nord, p.24
.
[2] - The Byzantine-Arab Chronicle of 741, Passage No.24
.
[3] - ابن خلدون، ديوان المبتدأ و الخبر في تاريخ العرب و البربر و من عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (دار الفكر - 2000)، الجزء السادس، صـ140
.
[4] - محمد محيي الدين المشرفي، إفريقيا الشمالية في العصر القديم (دار الكتب العربية)، صـ150
.
[5] - Hugh Kennedy, The Great Arab Conquests: How the Spread of Islam Changed the World We Live In, p. 205
.
[6] - المشرفي، المصدر السابق، صـ153-156
[7] - Isabella Sjostrom, Tripolitania in Transition: Late Roman to Islamic Settlement: With a catalogue of sites (Aldershot, 1993), p.26
.
[8] - Walter E. Kaegi, Byzantium and the Early Islamic Conquests, p.42
.
[9] - William Harmless, Augustine in His Own Words, p.102
.
[10] - Cynthia R. Nielsen, Divjak Letter 10* and St. Augustine as Socio-Political Activist (Part II)l
http://percaritatem.com/tag/divjak-letter-10
.
[11] - Joseph T. Kelley, Saint Agustine of Hippo: Selections from Confessions and Other Essential Writings - Annotated and Explained, p.178
.
[12] - Elizabeth Savage, Berbers and Blacks: Ibadi Slave Traffic in Eighth-Century North Africa, (The Journal of African History, Vol.33, No.3 (1992), p.353
.
[13] - Miles Lewis, Ifriqaya: Notes for a Tour of Northern Africa in September-October 2011, p.32
.
[14] - Robert G. Hoyland, In God's Path. The Arab Conquests and the Creation of an Islamic Empire, p.79
.
[15] - عبد العزيز الثعالبي، تاريخ شمال إفريقيا من الفتح الإسلامي إلى نهاية الدولة الأغلبية، صـ 29
.
[16] - الثعالبي، المصدر السابق، صـ38-39
.
[17] - الثعالبي، المصدر السابق، صـ51-52
.
[18] - Hoyland, Ibid, p.80
[19] - ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي - 1997)، الجزء الثالث، صـ207
[20] - Hsain Ilahiane, Historical dictionary of the Berbers (Imazighen), p.83
.
[21] - ابن الأثير، المصدر السابق، صـ208-209
.
[22] - الثعالبي، المصدر السابق، صـ 56
.
[23] - Kevin Shillington (ed.), Encyclopedia of African History, vol. 2, p.889
.
[24] - Shlomo Sand, The Invention of the Jewish People (2009), pp.199-206
.
[25] - الثعالبي، المصدر السابق، صـ61
.
[26] - Hoyland, Ibid, p.143
.
[27] - Alan G. Jamieson, Faith and Sword: A Short History of Christian-Muslim Conflict, pp.22-23
.
[28] - Andrew Sharf, Byzantine Jewry: From Justinian to the Fourth Crusade (1971), p.54
.
[29] - Kennedy, Ibid, p.221
.
[30] - Kahar Wahab Sarumi, Islam in North Africa and Spain, p.16
.
[31] - Abdelmajid Hannoum, Historiography, Mythology and Memory in Modern North Africa: The Story of the Kahina, Studia Islamica, No. 85 (1997), p.88
.
[32] - Andre N. Chouraqui, Between East and West: A History of the Jews of North Africa (Translated by Michael M. Bernet, 2001) ,pp.35-36
.
[33] - Thomas J. Arnold, The Preaching of Islam: A History of the Propagation of the Muslim Faith (1913), p.314
.
[34] - Chouraqui, Ibid, p.37
.
[35] - Kennedy, Ibid, pp.222-223
.
[36] - Daniel Pipes, Slave Soldiers and Islam: The Genesis of a Military System, pp.125-126
.
[37] - Arnold, Ibid, p.313
.
[38] - Michael Brett, The Islamisation of Egypt and North Africa (A Lecture Delievered 12 January 2005 at the Levtzion Center for Islamic Studies ), p.17
.
[39] - Amy Mckenna, The History of Northern Africa (The Britannica Guide to Africa), p.38
.
[40] - Corisande Fenwick, "From Africa to Ifriqiya: Settlement and Society in Early Medieval North Africa (650-800)", Al-Masaq: Journal of the Medieval Mediterranean (2013), Vol.25, No.1, p.10, Footnote.5