الرد على شبهة ضرب المرأة في الإسلام!!
بسم الله الرحمن الرحيم
منقول من صفحة العلم يؤكد الدين على الفيسبوك:
تقول الشبهة : لقد أمر الإسلام ضرب الزوجة وهذا انتهاك لإنسانيتها وذلك الآية ٣٤ من سورة النساء ( و إضربوهن) فلا يمكن للخالق أن ينزل كتاباً يهين فيه المرأة بهذا الشكل
الرد :
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
■أولا نستعرض معكم الآية الخاصة بهذا الموضوع كاملة دون اقتطاع ، يقول عز وجل في كتابه " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا "
▪︎تقول الآية " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" وهذا هو الأصل أن الصالحات مكرمات عفيفات يرضى عنهن ربهن ومحرم ضربهن لأن الضرب ملازم للمرأة الناشز أي المرأة المتمردة والمشاغبة التي تريد خراب بيتها وتشريد أطفالها فإذا إنتفت علة الضرب (النشوز) أصبح الضرب محرما
ومن هنا نقول أن الصواب هو أن نقول أن الإسلام أباح ضرب المرأة الناشز ولا نقول أن الإسلام أوجب ضرب الزوجة فالجواز بالضرب ليس متعلقاً بالمرأة الصالحة .
■فكيف أمرنا الإسلام بالتعامل مع مثل هذه المرأة المتمردة على حياتها ؟
●أولا نبدأ بالعظة والموعظة الحسنة بالرفق واللين ومحاولة تحريك عواطفها بالكلام الحسن لترجع عن تمردها وذلك أول حل في الآية ( فَعِظُوهُنَّ ) ، طيب وإن لم ينجح معها العظة والنصيحة الحسنة وظلت على تمردها ، هل يبادر الرجل بطلاقها فيخرب بيته وينقسم أطفاله ويُحرمون من مشاعر الأسرة المترابطة ؟!!
لا ، فالإسلام حريص كل الحرص على تماسك الأسرة فيأمر الرجل أن يكمل في المحاولة معها بطريقة أخرى أكثر شدة وأقل ليناً فيأمره بأن يهجرها في الفراش وأن يمتنع عنها في العلاقة الزوجية لأن ذلك من العقوبات الشديدة التي قد تؤثر في نفسيتها وتجعلها تشعر بالحاجة لزوجها فتتراجع عن تمردها حتى لا تخسره.
ولكن ماذا إن لم ينجح ذلك أيضاً!! هل يبادر الزوج بالطلاق وتفكيك الأسرة ؟!
لا ، مازال الإسلام حريصاً على عدم تشرد هذه الأسرة وتفككها فسنحاول معها آخر محاولة وستكون هذه المرأة أشد تأثيرا في نفس أي امرأة سوية ألا وهو الضرب !!
فإذا ضربها -ضربا غير مبرح- وإستقامت وانتهت عن نشوزها فلا يجوز الاستمرار في الضرب الغير مبرح وذلك لقوله عز وجل (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)
ولكن مهلاً بمجرد أن قرأت كلمة الضرب تخيلت في عقلك ذاك الزوج الذي يلطم وجه امرأته حتى تتورم عيناها ويكسر ضلوعها !!
أحب أن أصدمك وأقول لك أن هذه الصورة محرمة في الإسلام ولا علاقة لها أبدا بالضرب المذكور في الآية فحتى هذا الضرب له ضوابط تجعلنا لا نسميه ضربا بالمعنى الإصطلاحي الذي نراه اليوم في المجتمعات بين الأزواج وسنتعرض لشئ من هذه الضوابط الآن :
■1. أن يتجنب الوجه تماما ولا تقل لها قبحك الله ولا تترك البيت وهي فيه وحدها وذلك لحديث رسول الله ﷺ " ولا تضربِ الوجهَ ، ولا تُقبِّحْ ، ولا تهجر إلا في البيتِ" (الصحيح المسند1096)
■2. أن يكون ضربا خفيفا غير مبرح وذلك لحديث رسول الله ﷺ " فاهجُروهن في المَضاجِعِ ، واضرِبوهن ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ ، فإن أَطَعْنَكم ، فلا تَبْغُوا عليهِن سبيلًا " (وهذا الحديث ردا على من يقول الضرب المقصود في الآية هو التفريق بينهم وذلك لأن النبي ﷺ فسر الآية بنفسه وقال ضربا غير مبرح أي أنه ضرباً حقيقياً وليس معناه التفرقة)
وحديث رسول الله ﷺ " لا يَجْلِدُ أحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجامِعُها في آخِرِ اليَومِ" (صحيح البخاري 5204)
بل وضح لنا الصحابة الكرام رضوان الله عليهم كيف هو الضرب الغير مبرح فعن عطاء قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرّح؟ قال: السواك وشبهه، يضربها به. (تفسير الطبري ٣١٤/٨)
وقال حجاج " قال رسول الله ﷺ: لا تهجروا النساء إلا في المضاجع، واضربوهن ضربًا غير مبرح = يقول: غير مؤثّر.( نفس المصدر السابق)
يعني الضرب غير مؤثر جسدياً أصلا ولا علاقة له بالإجرام المنتشر في مجتمعاتنا
لذلك قال الفقهاء أن الرجل إذا علم أن زوجته لن تستقيم إلا بالضرب الشديد فلا يجوز له ضربها لأنه بلا نتيجة لأن الغاية من الضرب الغير مبرح هو إستقامة المرأة فإذا لن تتحقق الغاية به فلا حاجة للضرب و عليه أن يبعث حكما من أهله أو حكما من أهلها فإذا لم تستقيم هذه المرأة فالطلاق بالمعروف .
قال ابن شاس من فقهاء المالكية (في كتاب عقد الجواهر ) "فإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا بضرب مخوف لم يجز تعزيرها ( أي ضربها) أصلاً "
وقال ابن عرفة من المالكية في كتاب (الشرح الكبير) " فإن جزم او ظن عدمها ( أي عدم إفادة الهجر) ضربها إن جزم بالإفادة أو ظنها ، لا إن شك فيها"
حتى ابن حجر الهيتمي (في تحفة المحتاج ) " أما إذا علم أن الضرب لا يفيد فيحرم عليه ضربها"
يعني شرط الضرب الغير مبرح هو أنك تعرف مسبقاً أنه سيأتي بنتيجة إيجابية ، فإذا علمت أنه سيأتي بنتيجة سلبية فلا يجوز لك ضربها لأنه لن تتحقق الغاية من الضرب (الإستقامة)
بل يقول الكثير من الفقهاء بأن ترك الضرب أولى وذلك إبقاءً للمودة وذلك لحديث رسول الله ﷺ حين اشتكت إليه نسوة كثر من ضرب أزواجهن لهن فقال ﷺ " وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم " (النووي ، المنهاج ٥٨/١٠) يعني هؤلاء (الذين يضربون زوجاتهم) هم أشرار الرجال
ولحديث رسول الله ﷺ " لا تضربوا إماء الله " ( نفس المصدر السابق)
ولحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا..." (صحيح مسلم 2328)
فقال الإمام الشافعي رحمه الله " فجعل لهم الضرب وجعل لهم العفو ، وأخبر أن الخيار ««ترك الضرب»» "( الأم ١١٢/٥)
طيب وماذا لو ضرب الزوج زوجته ضربا شديداً مؤذيا أو ضربها بغير حق أصلاً ؟!
قال الكثير من الفقهاء يجب تعزيره والقصاص منه
قال ابن حزم ( في المحلى جزء ١٠ ) "فصح أنه إن اعتدى عليها بغير حق فالقصاص منه"
ويقول أحمد الدردير المالكي في (الشرح الكبير) " ولا يجوز ««الضرب (المبرح) »» ولو علم أنها لا تترك النشوز إلا به ، فإن فعل فلها التطليق عليه والقصاص"
إذاً الضرب الغير مبرح ليس للمرأة الصالحة وهو حرام لعدم توافر علة الضرب المذكورة في الآية ( النشوز ) والضرب المبرح حرام لأي امرأة سواء ناشز او لا
بل والرجل مأمور بالصبر على أي سوء خلق من زوجته السوية فيقول عز وجل في الآية ١٩ من سورة النساء "....وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " (صحيح الترمذي 3078 « حديث صحيح حسن»)
فإذا كرهت زوجتك لسوء طباعها فاصبر عليها ولا تطلقها فعسى أن تكرهها ويجعل الله لك فيها خيرا ومودة ورحمة كثيرة ويعضد هذا المعنى حديث رسول الله ﷺ فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه " لا يَفْرَكْ (أي لا يبغض) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ. (صحيح مسلم 1469)
يعني الأصل بين الزوج والزوجة هو المعاشرة بالمعروف كما قالت الآية ، والصبر على أي فعل قبيح منها والنظر إلى الجانب الحسن في أخلاقها والتغاضي عن الجانب القبيح لديها وكما يقول الله عز وجل ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)
ملخص المنشور:
●١. الضرب هو اخر المحاولات بعد فشل محاولة النصح باللين وبعد الهجر في المضجع
●٢. الضرب يكون للمرأة الناشز المتمردة فقط
●٣. يحرم ضرب المرأة الغير ناشز وإذا وقع ذلك فيحق لها أن تطلقه عند القاضي وأن يقتص لها من زوجها ويأمر بضربه
●٤.الضرب يكون ضربا غير مبرح بالسواك او المنديل او ماشابه
●٥. إذا ضرب الرجل زوجته الناشز ضرباً مبرحاً مؤذياً فيحق لها أن تشتكي إلى القاضي ويقتص من زوجها ويمكنها تطليقه ولاحظ هنا نقول أنها ناشز ومتمردة بالفعل ومع ذلك يُعَاقَب زوجها إذا آذاها
●٦.إذا شك الرجل أن الضرب لن يأتي بنتيجة مع زوجته فيحرم عليه ضربها لأنه لن تتحق الغاية منه وحينئذ يبعث حكما منه أهله وحكما من أهلها أو الطلاق
●٧. إذا ضربها ضربا غير مبرح وإستقامت وانتهت عن نشوزها فلا يجوز الاستمرار في الضرب الغير مبرح وذلك لقوله عز وجل (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)