شبهة: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف

الرد على شبهة القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف

الرد على شبهة تحريف القرآن استنادًا إلى رواية الطبراني

يستدل بعض المشككين برواية الطبراني في المعجم الأوسط، والتي جاء فيها:

> "حدثنا محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني، حدثني أبي عن جدي آدم بن أبي إياس، ثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله ﷺ: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابرًا محتسبًا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين."
ثم قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد، تفرد به حفص بن ميسرة." (1)

أولًا: ضعف الرواية وعدم صحتها

هذه الرواية غير صحيحة، وذلك لأن السند فيه راوٍ ضعيف جدًا، والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا الحديث الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط الخمسة التالية:

1. اتصال السند: أن يكون كل راوٍ قد سمع ممن فوقه.

2. عدالة الرواة: أن يكون الراوي مسلمًا، بالغًا، عاقلًا، غير فاسق ولا صاحب بدعة.

3. ضبط الرواة: أن يكون الراوي متقنًا لما يرويه.

4. انتفاء الشذوذ: ألا يكون الحديث مخالفًا لرواية من هو أوثق من الراوي.

5. انتفاء العلة: ألا يكون في الحديث سبب خفي يجعله غير مقبول.

قال الإمام ابن الصلاح في تعريف الحديث الصحيح:

> "أما الحديث الصحيح، فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذًا، ولا معللًا." (2)

علة الرواية: ضعف محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس

هذه الرواية ضعيفة بسبب محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، حيث تكلم فيه العلماء وضعفوه.

قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال:

> "تفرد بخبر باطل." ثم ساق الذهبي هذه الرواية الباطلة. (3)

وقال السيوطي في الإتقان:

> "رجاله ثقات إلا شيخ الطبراني، محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، تكلم فيه الذهبي لهذا الحديث." (4)

كما ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني كلام الذهبي وقال:

> "تفرد بخبر باطل." وساق نفس الرواية محل الشبهة. (5)

وقال الشيخ الألباني:

> "لوائح الوضع على حديثه ظاهرة، فمثله لا يحتاج إلى كلام ينقل في تجريحه بأكثر مما أشار إليه الحافظ الذهبي ثم العسقلاني؛ من روايته لمثل هذا الحديث وتفرده به." (6)

وأضاف الألباني:

> "حديث موضوع." (7)

وقال المتقي الهندي:

> "قال أبو نصر: غريب الإسناد والمتن، وفيه زيادة على ما بين اللوحين، ويمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم." (8)

ثانيًا: على فرض صحة الرواية، فهي لا تقدح في حفظ القرآن

لو افترضنا جدلًا صحة الرواية (مع أنها ضعيفة)، فإنها لا تعني أن هناك آيات ضاعت من القرآن الكريم، بل يمكن حملها على باب الناسخ والمنسوخ، أي أنها تشير إلى آيات نسخت تلاوتها.

وقد نبه على ذلك الإمام السيوطي في الإتقان بقوله:

> "وقد حُمِل ذلك على ما نُسِخَ رَسْمُهُ من القرآن أيضاً." (9)

كما قال المتقي الهندي:

> "يمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم." (10)

خاتمة:

بناءً على ما سبق، فإن هذه الرواية لا تصح، ولو صحَّت فهي لا تقدح في حفظ القرآن الكريم، بل تتعلق بآيات نُسخت تلاوتها، وهو أمر ثابت ومعروف في علم الناسخ والمنسوخ.

--------------------------------------------------------
المراجع

1. المعجم الأوسط، الطبراني، ج6، ص361، حديث 6616، ط دار الحرمين – القاهرة، تحقيق طارق عوض الله.


2. علوم الحديث، ابن الصلاح، ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا.


3. ميزان الاعتدال، الذهبي، ج6، ص251، ط دار الكتب العلمية – بيروت.


4. الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج2، ص456، تحقيق مركز الدراسات القرآنية بالسعودية.


5. لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني، ج7، ص334، ط دار المطبوعات الإسلامية.


6. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، الألباني، ج9، ص70-71، ط دار المعارف – الرياض.


7. ضعيف الجامع الصغير، الألباني، ص603، حديث 4133، ط المكتب الإسلامي – بيروت.


8. كنز العمال، المتقي الهندي، ج1، ص541، ط مؤسسة الرسالة – بيروت.


9. الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج2، ص457، تحقيق مركز الدراسات القرآنية بالسعودية.


10. كنز العمال، المتقي الهندي، ج1، ص541، ط مؤسسة الرسالة – بيروت.


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة شتم القرآن الوليد بن المغيرة؟

دحض شبهات الملاحدة حول عدد المفاصل في جسم الإنسان

الرد على شبهة تقبيل النبي لزبيبة الحسن